اختار الرسول صلي الله عليه وسلم ومن بعده الخلفاء الراشدون السفراء من الصحابة الموثوق بهم وكانوا يتصفون بالشجاعة وسرعة البديهة والحكمة ورباطة الجأش. ذلك أن المهام التي توكل إليهم كانت مهام دقيقة. فكانوا جميعا من الشباب المؤمن الذي يتحلي بالسجايا الكريمة وجمال الصورة والذكاء المتقد. من ذلك أن رسوله إلي قيصر الروم "دحية الكلبي" كان جميل الصورة جمالا قيل عنه وصف عظيم منه أن جبريل عليه السلام كان يفد علي النبي صلي الله عليه وسلم في مثل صورته. وكان زيد بن حارثة ترجمان الرسول عليه السلام يجيد الفارسية والقبطية والحبشية فضلا عن السريانية والعبرية حيث تعلم الأخيرة في سبعة عشر يوما. وقد اقتضي بعد نظر الرسول في اختيار السفراء في بداية الدعوة لتأمينها أنه أدخل نظام العملاء السريين إذ كان العباس هو العميل السري للرسول صلي الله عليه وسلم في مكة. والمنذر بن عمرو بن مساعد هو العميل السري في نجد. وكانت مهمة هؤلاء العملاء جمع المعلومات وإطلاع الرسول صلي الله عليه وسلم علي سير الأمور في مناطق عملهم.. وهي مهمة تشبه إلي حد كبير ما يقوم به السفير في الوقت الحاضر. إذ عليه متابعة الأحداث وما يجري داخل البلد الذي يعمل فيه. وسير الأمور. ثم يرسل تقريرا بذلك لحكومته. ولقد وضع الرسول صلي الله عليه وسلم الأسس التي يجب أن يتخذها الحاكم في معاملة من يأتي إليه من السفراء. ووضح ان حسن معاملة السفراء ينبع من مبدأ ايماني أصيل وهو اكرام الضيف والوفاء بالعهود.. لذلك فقد التزم صلي الله عليه وسلم الحلم ومكارم الأخلاق في معاملة السفراء حتي لو كانوا من السفهاء. وقد أدي هذا في بعض الأحيان إلي اعلان اسلامهم. وفي نفس الوقت فقد كان الرسول صلي الله عليه وسلم يتابع سفراءه الذين يرسلهم. ويحاول انقاذهم بكل جهده المعنوي والمادي إذا تعرضوا للاساءة أو محاولة اغتيال من القوي المعادية. كما كان استقبال الوفود عنصرا أساسيا من عناصر الاستراتيجية الدبلوماسية الاسلامية لنشر الدعوة. ولقد كان تقبل الدين الجديد عملا جماعيا من القبائل في الجزيرة العربية. ان استقبال الوفود كان يعني ممارسة كل قواعد الدبلوماسية من الدعوة إلي الله بالحكمة والموعظة الحسنة. ويعني استعراض القوة الاسلامية سواء المعنوية منها أو المادية. حيث كان يبهر الكثيرين من الوافدين ذلك الترابط المتين الذي يعيش فيه المسلمون ومدي خضوعهم لقائدهم النبي الأمين صلي الله عليه وسلم. ذلك الخضوع النابع من الحب والتفاني في تنفيذ توجيهاته والمسارعة لمرضاته. ولم يقتصر استقبال الوفود علي عصر النبوة فقط بل امتد إلي عصر الخلفاء الراشدين حيث كان وسيلة فعالة لتحقيق أهداف الأمة الاسلامية بالطرق الدبلوماسية بما يغني عن الدخول في حروب في أحيان كثيرة
_________________
ساظل احبك ولو طال انتظارى وان لم تكن قدري فأنت اختياري