شيطان في الطريق العام!!
* عبد القادر مصطفى عبد القادر
التوك توك".. هذه العربة الصغيرة المجنونة، والتي ظهرت وتكاثرت في الطريق العام، فحولته إلى حلبة من السباق المحموم على "الزبائن"..من الذي أدخلها إلى قـُرَانا الهادئة فحرمها وحرمنا من الهدوء والسكينة؟ وما هي الضرورة العملية التي بررت تواجد هذه العربات بمثل هذا الكم الرهيب في كل شبر من شوارعنا الضيقة والقصيرة؟ ومن الذي سمح لكل من هب ودب بقيادة هذه العربة، فما من طفل ولا شيخ، ولا عاقل ولا مجنون، إلا قاد هذه العربة!!
قديماً، حيث كان الهدوء الجميل يخيم على حياتنا البسيطة، كان لا يركب عربة "الحنطور" التي يجرها الحصان، إلا الشيخ الكبير، أو المريض العليل، وأحياناً كان يركبها ميسور الحال كنوع من الوجاهة والترف، أما الآن وبعد أن طرد "التوك توك" "الحنطور" من الشارع، كشأن العملة الرديئة حينما تطرد العملة الحسنة من السوق، فإن الفلاح الذي كان يذهب إلى حقله ماشياً على قدميه، أو ركاباً على حماره، قام بإراحة قدميه، ووضع حماره على "دكة" البدلاء، وراح يسافر إلى حقله مستقلاً "التوك توك"!!
والموظف الذي كان يعتبر الذهاب إلى عمله رياضة يومية إجبارية، راح ينتظر في لهفة على قارعة الطريق العربة العجيبة لتنقله براً إلى مقر عمله الذي يقع على مرمى بصره!! والتلميذ أبى إلا أن يتعاقد والده مع أحد سائقي "التوك توك" لينقله يومياً إلى المدرسة التي يراها من شرفة منزله!!
حتى النساء اللاتي كن يذهبن إلى السوق سيراً على أرجلهن، أبين إلا المساواة، فامتطين "التوك توك" حتى صار يوم السوق مثل يوم الحشر!! وبالجملة اختفى السائرون على أقدامهم في الشوارع على قدمين، وحل بدلاً منهم "التوك توك" العجيب الذي يطير على ثلاث عجلات!!
أنا لست ضد التجديد، ولا أكره الوسيلة، ولكن أكره أسلوب الاستخدام، وأكره أن تتحول الحياة إلى جحيم بأشياء لم تقدم - عبر مستخدميها - سوى الفوضى والضوضاء والتلوث، وأكره أن تُراق الجنيهات سدىً على شيء يمكن الاستغناء عنه، وأكره أن يميل الناس إلى الكسل، وأكره أن يترك الموظف عمله ليعمل على عربة "التوك توك" بدعوى سداد أقساطها.
نعم لكل وسيلة شريفة لزيادة الدخل، ولكن متى؟ وكيف؟ وأين؟ لابد أن يوضع حق المجتمع في الميزان، فلا تقدم المصلحة الذاتية على المصلحة الجماعية، وإلا ستتحول الحياة إلى سوق تُداس فيه كل قيم الذوق والجمال. من أجل ذلك فأنا سعيد غاية السعادة بخروج قانون المرور الجديد إلى النور، وأحسب أن هذا القانون سيعيد إلى الطريق العام هيبته ووقاره، وجماله المفقود.
** مصر
* عبد القادر مصطفى عبد القادر
التوك توك".. هذه العربة الصغيرة المجنونة، والتي ظهرت وتكاثرت في الطريق العام، فحولته إلى حلبة من السباق المحموم على "الزبائن"..من الذي أدخلها إلى قـُرَانا الهادئة فحرمها وحرمنا من الهدوء والسكينة؟ وما هي الضرورة العملية التي بررت تواجد هذه العربات بمثل هذا الكم الرهيب في كل شبر من شوارعنا الضيقة والقصيرة؟ ومن الذي سمح لكل من هب ودب بقيادة هذه العربة، فما من طفل ولا شيخ، ولا عاقل ولا مجنون، إلا قاد هذه العربة!!
قديماً، حيث كان الهدوء الجميل يخيم على حياتنا البسيطة، كان لا يركب عربة "الحنطور" التي يجرها الحصان، إلا الشيخ الكبير، أو المريض العليل، وأحياناً كان يركبها ميسور الحال كنوع من الوجاهة والترف، أما الآن وبعد أن طرد "التوك توك" "الحنطور" من الشارع، كشأن العملة الرديئة حينما تطرد العملة الحسنة من السوق، فإن الفلاح الذي كان يذهب إلى حقله ماشياً على قدميه، أو ركاباً على حماره، قام بإراحة قدميه، ووضع حماره على "دكة" البدلاء، وراح يسافر إلى حقله مستقلاً "التوك توك"!!
والموظف الذي كان يعتبر الذهاب إلى عمله رياضة يومية إجبارية، راح ينتظر في لهفة على قارعة الطريق العربة العجيبة لتنقله براً إلى مقر عمله الذي يقع على مرمى بصره!! والتلميذ أبى إلا أن يتعاقد والده مع أحد سائقي "التوك توك" لينقله يومياً إلى المدرسة التي يراها من شرفة منزله!!
حتى النساء اللاتي كن يذهبن إلى السوق سيراً على أرجلهن، أبين إلا المساواة، فامتطين "التوك توك" حتى صار يوم السوق مثل يوم الحشر!! وبالجملة اختفى السائرون على أقدامهم في الشوارع على قدمين، وحل بدلاً منهم "التوك توك" العجيب الذي يطير على ثلاث عجلات!!
أنا لست ضد التجديد، ولا أكره الوسيلة، ولكن أكره أسلوب الاستخدام، وأكره أن تتحول الحياة إلى جحيم بأشياء لم تقدم - عبر مستخدميها - سوى الفوضى والضوضاء والتلوث، وأكره أن تُراق الجنيهات سدىً على شيء يمكن الاستغناء عنه، وأكره أن يميل الناس إلى الكسل، وأكره أن يترك الموظف عمله ليعمل على عربة "التوك توك" بدعوى سداد أقساطها.
نعم لكل وسيلة شريفة لزيادة الدخل، ولكن متى؟ وكيف؟ وأين؟ لابد أن يوضع حق المجتمع في الميزان، فلا تقدم المصلحة الذاتية على المصلحة الجماعية، وإلا ستتحول الحياة إلى سوق تُداس فيه كل قيم الذوق والجمال. من أجل ذلك فأنا سعيد غاية السعادة بخروج قانون المرور الجديد إلى النور، وأحسب أن هذا القانون سيعيد إلى الطريق العام هيبته ووقاره، وجماله المفقود.
** مصر