كما يقال لكل فارس كبوة ولكن ماذا لو زادت هذه الكبوات وبات صعودها من جديد يحتاج إلى معجزه؟ وماذا لو أراد هذا الفارس أن يستمر في السباق.. بالتأكيد لابد من ان يكون له وقفه مع نفسه ليعيد حساباته.. قد تطول هذه الوقفة أو تقصر فليس التوقيت الزمني أزمة بل ألاهم ما سيسفر عنه.
هذا تماما ما يحتاجه الفنان الكوميدي الموهوب محمد سعد فقد لا نختلف على انه يمتلك في يده وعقله أدوات نجومية قد لا تتوافر في أيدي الكثيرين من أمثاله ولكن بفارق توظيف هذه الموهبة فهناك من يعملون على تدعيمها وتطويرها وآخرون يكتفون بالوقوف أمامها شاكرين الله عليها دون أدنى تطوير لما يمتلكون وهنا يتولد الفشل من رحم النجاح وتبدأ الكارثة، الأداء لا يتغير وتمر السنين والأيام ومحمد سعد (محلك سر) لم ينجح في الخروج من عباءة الليمبي فسقط في بئر التكرار الذي يعتبر أولى الخطوات نحو التراجع.
أعراض النجومية:
كانت شخصية الليمبي بمثابة الطفرة التي حدثت في الساحة السينمائية ..بالتأكيد كانت شخصية الليمبي بمثابة الطفرة التي حدثت في الساحة السينمائية خاصة على مستوى الإيرادات التي حققها حيث بلغت نحو الـ 32 مليون جنيه بما يعني تحقيق هذا العمل لما لم يحققه أي عمل سينمائي على مدار تاريخ السينما المصرية وهنا بدأ الغرور وأعراض النجومية يظهرون على هذا الفنان الذي كانت بداية ظهوره في ادوار هامشيه من خلال (الطريق إلي ايلات) في عام 97 وبعده فيلم (الناظر) للنجم الراحل علاء ولي الدين ومن ثم ظهر سعد في دور صغير بمشاهد قليلة في فيلم (55 إسعاف) مع غادة عادل واحمد حلمي وكان ذلك قبل ستة سنوات من الآن تحديدا في عام 2001.
وفجأة يخرج هذا الممثل إلي الحياة السينمائية متنفسا رحيق النجومية وكما قلنا تبدأ أعراض النجومية تظهر علية فيرفض إجراء الحوارات الصحفية واللقاءات التليفزيونية رافضا كذلك الظهور بشكل مستمر في أي مناسبة وهنا حاول سعد أن ينتهج نهج الزعيم عادل إمام والفارق بالطبع لا يمكن أن نغفله فعادل أمام رجل شبع نجومية ولطالما صنع تاريخا ومن حقه الآن أن (يتدلع) على جمهوره.
وان كان في الفترة الأخيرة بدأ كثيرا في الظهور إعلاميا ولا تجد مناسبة فنيه ألا وكان موجودا بها على عكس محمد سعد الذي يتهاون كثيرا في أداء واجباته مع زملائه فلا تجده يذهب ليهنئهم على بداية عرض فيلم جديد لهم في الوقت الذي يحرصون جميعا على تهنئة بعضهم والظهور كثيرا حتى يظلون في ذاكرة الناس وكان رد فعلهم الطبيعي أيضا عدم الذهاب لتهنئته في افتتاح أفلامه.
رحلة سقوط
نعود لادوار محمد سعد الذي بدأ أولى مشواره مع النجومية كما قلنا من خلال شخصية الليمبي تلك التركيبه التي لاقت إعجاب الجمهور وتصفيقه لخفة دمها وتلقائية الأداء الذي يتميز بها سعد وان كان يعاب عليه اعتماده الأول والأخير على الأداء الحركي في الإضحاك كالتلاعب بملامح وجهه ورقصات جسده فيما اعتبر الكثيرون من النقاد أن سعد بهذه الحركات يحاول الاستخفاف بعقول الجمهور الذي خرج من منزله ليقطع تذكرة سينما لمشاهده هذا الفنان الموهوب ومع نجاح شخصية الليمبي أراد سعد اللعب كثيرا على وترها فقدم فيلم (اللي بالي بالك) بفارق انه أضاف إلي شخصية الليمبي شخصية أخرى ألا وهي رياض المنفلوطى وفي الشخصيتين لم نستطيع أن ننسى أنهما (الليمبي) مهما حاول سعد أن يتظاهر بان هناك فارق بين رياض المنفلوطي والليمبي وحينما لم يحقق فيلمه اللي بالي بالك النجاح الذي سبق وحققه الليمبي قرر سعد الاستغناء عن شخصية الليمبي (اسما) في أفلامه وان كان وقع أسيرا لحركاته وأداءه مضمونا فقدم فيلم (عوكل) من خلال شخصيتين هما عوكل الجن والست اطاطا وكان ذلك في عام 2004 أي بعد ظهور سعد الحقيقي بثلاثة أعوام.
العيب في سعد نفسه الذي يحاول الاستحواذ على كل دقيقه في مشاهد الفيلم ..ورغم هذا الفارق الزمني إلا أن وتيرة أداءه لم تتغير على الإطلاق وهو ما كرره في سلسلة أفلامه التالية لعوكل مثل (بوحه) فاستعان سعد بمي عز الدين التي لم تمثل أي أضافه للفيلم والعيب ليس في أدائها فلا يختلف اثنان على موهبتها ولكن العيب في سعد نفسه الذي يحاول الاستحواذ على كل دقيقه في مشاهد الفيلم أي إنه يظهر على مدار 95 دقيقة في حين أن عمر العمل السينمائي حوالي 95 دقيقه مما يعنى أن الفيلم يسير على وتيرة واحده وهو نفس ما كرره في فيلم (كتكوت) من خلال شخصيه كتكوت أبو الليل وذلك في عام 2006 ليأتي هذا العمل بالنسبة لسعد بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير فلم يحقق ايرادات مقارنه بأولى أفلامه وما زاد الطين بله هو أن النجم عادل إمام كان في هذا العام منافسا شرسا لسعد من خلال فيلمه (عمارة يعقوبيان) الذي يعد أضخم إنتاج سينمائي شهدته مصر وضم العديد من النجوم بجوار الزعيم مثل نور الشريف ويسرا وهند صبري واحمد بدير وباسم سمرة وخالد الصاوي وحقق هذا العمل ايرادات وصلت إلي 21 مليون جنيه على مدي أسابيع عرضه في حين حقق سعد 17 مليون جنيه.
ماذا بعد؟
ولا نعرف لماذا لم يتعلم محمد سعد من الدروس السابقة ويحاول تعويض ما خسره من خلال فيلمه الأخير (كركر) الذي جاء هابطا سخيفا لا يمت للتمثيل ولا للكوميديا بشيء فقط جاء اعتماد سعد على الأداء الحركي الضاحك وردد الكثيرون أن سعد في هذا العمل تحديدا لم يكن أكثر من كاريكاتير مضحك وها هو يستعد لطرح أحدث أعماله السينمائية (بوشكاش) مع المؤلف احمد فهمي والمخرج أحمد يسري ويجسد فيه سعد شخصية سمسار للاعبي كرة القدم ويشاركه البطولة اللبنانية نور في ثاني مشاركة لهم بعد فيلم عوكل.
(بوشكاش) واجه أزمات عديدة هددت في كثير من الأحيان بايقافه وذلك بسبب التدخل الشديد لسعد في كل كبيرة وصغيره من عمل المخرج وهو الذي اعتبره المخرج الأول للفيلم عمرو عرفه أهانه له وعليه قرر التخلي عن التصوير والسبب تدخلات سعد!
النقاد يهاجموه
لا يختلف اثنان أن محمد سعد فنان موهوب لكنه قتل نفسه بيده..في تحقيقنا حاولنا استطلاع أراء النقاد في ظاهرة اسمها محمد سعد فماذا قالوا لفرفش؟ في البداية يقول طارق الشناوي: "لا يختلف اثنان أن محمد سعد فنان موهوب لكنه قتل نفسه بيده بسبب بئر التكرار الذي سقط فيه ولم يجد من ينقذه بل للأسف وجد من يساعده على استمراره في الغرق فمثلا عند أول أفلامه الليمبي استطاع وبنجاح ساحق أن يخطف الجمهور إلي صالات العرض وحقق إيرادات لم تحققها السينما المصرية من قبل ولكن بعد ذلك استسهل سعد السيناريوهات التي تعرض عليه ولا اخفي انه يقوم بمجهود جبار جسمانيا وبالتأكيد ذهنيا لكن إلي متى سيظل واضعا نفسه في حيز الليمبي؟
نفس التساؤل أيضا تسائله الناقد الكبير نادر عدلي وأضاف أن سعد دمر نفسه في عدد من السيناريوهات الرخيصة كذلك لا يهتم محمد سعد على الإطلاق بالموقف الكوميدي الصحيح وكل ما هنالك انه يعتمد على الأداء الحركي لاختلاس ضحكات الجمهور فقط.
والسبكي يدافع
إذا كانت كل هذه الاتهامات تطول محمد سعد فلماذا إذن يجد من ينتج له بل ويطالب بمضاعفة أجره كل فيلم عن الأخر؟ مجرد تساؤل توجهنا به إلي محمد السبكي منتج معظم أفلام سعد فقال لفرفش أن سعد فنان بكل ما تحمله الكلمة وكل يوم يزداد نجومية التي أولى دلالتها مدى عشق الجمهور لهذا الرجل الذي أضحكهم بخفة دمه وتلقائيته كما انه إنسان طيب القلب لذا وكما يقال ربنا محبب فيه خلقه ويكفي انه الفنان الكوميدي الوحيد الذي استطاع تحقيق إيرادات ما شاء الله لم يحققها أي نجم أخر في جيله.
وارى والكلام على لسان السبكي أن النقاد يهاجمونه لمجرد إبداء الرأي كما أن أرائهم لا يستمع إليها الجمهور على الإطلاق وأنا لست معكم أن سعد يكرر نفسه لأنه إنسان دارس تمثيل وفاهم يعني إيه تكرار وما يجذب الجمهور نحوه وما يبعده.
ترى هل سيستعيد محمد سعد عرشه المفقود ببوشكاش وفي حال فشله ماذا ستكون خطواته المستقبلية ومتى نسمع أن سعد توقف عن قبول أي عمل سينمائي حتى يعيد ترتيب أوراقة التي لطالما سيطر عليها التبعثر؟