الأمن المائي.. وزراعة الأرز تصديره معناه.. بيع مياه مصر! |
أفرزت الأزمة التي شهدها اجتماع وزراء دول حوض النيل مؤخراً خوفاً شديداً علي موارد مصر من المياه.. إذ يبدو أن هناك أصابع خارجية بدأت في تأليب دول المنبع السبع علي دولتي المصب "مصر والسودان" ودفعهم إلي اتخاذ قرارات فردية من شأنها الإضرار بحصص المياه لبلادنا. من ثم فإن الأزمة وتداعياتها يفرضان علي الدولة تعاملاً جديداً في المياه والزراعات التي تعتمد عليها. بل في ابتكار طرق جديدة للزراعة لا تعتمد علي طريقة "الغمر" السائدة حالياً وإنما من خلال طرق أخري مثل التنقيط والرش والارتوازيات وغير ذلك! ودعوني أحكي لكم من البداية قصة المياه والأرز وكيف وصلنا إلي الوضع الذي أصبحنا عليه الآن. فقد نشر قبل أيام خبر في الصفحة الأولي لجريدتي "الجمهورية" و"الأهرام" يقول إن هيئة السلع التموينية التابعة لوزارة التجارة أعلنت عن مناقصة لتوريد أرز أبيض لسد احتياجات البطاقات التموينية وأسفرت المناقصة عن توريد القطاع الخاص ألفي طن للهيئة بسعر مائة قرش للطن أي بسعر "مليم" واحد لكيلو الأرز.. والسؤال الذي ثار في ذهني باعتباري مزارعاً هو لماذا اقتصر التوريد علي شركات القطاع الخاص بينما امتنعت الشركات التابعة للحكومة من دخول المناقصة؟ والإجابة لأن الشركات التابعة لوزارة الاستثمار رفضت التوريد بتلك الأسعار الضئيلة لأنها تشتري الأرز من الفلاحين بسعر 1500 جنيه للطن أي بسعر 1.5 جنيه للكيلو.. فكيف ترضي بهذا السعر خصوصاً وأن إنتاج الطن الواحد من الأرز الأبيض يحتاج طناً ونصفا من الأرز الشعير الذي تسفر غربلته وتنقيته عن الأرز الذي نأكله! لكن لماذا قبل القطاع الخاص الدخول في المناقصة وتجنبتها شركات الوزارة؟ الإجابة بسيطة وهي أن الوزير رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة أصدر قراراً في غاية الحكمة وهو منع تصدير الأرز حتي أكتوبر القادم.. الاستثناء الوحيد لمن يريد التصدير أن يسلم المُصّدر كمية مماثلة من الأرز الذي يصدره إلي هيئة السلع التموينية! اعتقادي الخاص أن شركات القطاع الخاص يمكن أن "تهدي" هيئة السلع التموينية مجاناً ما تريده من أرز ليتم توزيعه في حصص البطاقات التموينية.. والسبب أن شركات القطاع الخاص تعوض خسارتها في التصدير حيث يبلغ سعر تصدير الطن الواحد من الأرز الأبيض ألف دولار أي خمسة آلاف و600 جنيه.. ومن ثم فإن "التوريد" كله مكاسب للقطاع الخاص.. ومع ذلك تبقي عدة نقاط هامة يهمني الإشارة إليها خصوصاً وأن تصدير الأرز للخارج معناه ببساطة شديدة أننا نصدر مياه النيل التي تحاربنا بعض الدول لمنعها عنا. فالأرز. رغم أنه من المحاصيل المهمة. إلا أن إقبال المزارعين علي زراعته ينصب علي تحقيق الربح الوفير كما قال د.محمد يوسف في بحث هام له نشر في الأهرام. والمعني الذي أخلص إليه أن تحقيق الربح الوفير للفلاح يحتل مرتبة أهم من توفير الغذاء للمصريين.. فالمزارعون يعلمون أن أرباح زراعة الأرز أكبر من أي شيء.. لا أحد ينكر في أن زيادة المساحة المنزرعة أرزاً ستكفل الأمن الغذائي لمصر وتحمينا من تقلبات أسعار المواد الغذائية العالمية. التي التهبت العام الماضي جداً.. فالمهم هو الربح. الآن زيادة مساحات الأرز المنزرعة أدت إلي إضاعة كميات هائلة من المياه كان يمكن استخدامها في زراعة محاصيل استراتيجية أخري وهي القمح والذرة. الأرز هو أكبر محصول يستهلك مياهاً حيث يتطلب الفدان عشرة آلاف متر مكعب من المياه مقابل ثلاثة آلاف متر مكعب فقط لفدان الذرة.. أي أن فدان الأرز يحتاج ثلاثة أمثال المياه المستخدمة لزراعة الذرة وأكثر! من هنا فإن تصدير الأرز للخارج يعني إضاعة نصف حصتنا السنوية من المياه التي مازالت عند 55 مليار متر مكعب منذ 1929 رغم أن تعداد السكان كان وقتها 18 مليون نسمة وارتفع الآن إلي 80 مليوناً! إن الخطر الذي يهدد زراعة الأرز ونفاد حصتنا من المياه يكمن في أنه مع استمرار انخفاض سعر الأرز. فسيكون المردود سلبياً سواء من الناحية الاقتصادية أو المائية.. وبهذا سيتحول الفلاح إلي زراعة محاصيل أخري ويقدم الأرز للمواشي علفاً أو يتوقف عن زراعته نهائياً.. فليس من المعقول الاستمرار في زراعة محصول استراتيجي هام يكون سعر الطن منه "جنيهاً" واحداً فقط لا غير. إن منطقي بسيط للغاية وهو أنه إذا كان الأمن المائي خطاً أحمر. فإن الأمن الغذائي خط أحمر كذلك.. وكما أننا لا نقبل أن يمس أحد حصتنا من مياه النيل. فإننا لا نوافق علي التحول لدولة تستورد الأرز بعد أن كنا من أكبر المنتجين والمصدرين له علي مدار ال 50 عاماً الماضية. لقد فعلنا نصف الصواب وارتكبنا قدراً مساوياً من الخطأ. فقد أوقفنا تصدير الأرز وهو ما فعلته الدول الكبري المصدرة للغذاء عموماً وللأرز بصفة خاصة. لكننا لم ندعم الفلاحين الذين يزرعونه ونشجعهم علي الاستمرار في إنتاجه.. الأهم من ذلك أنه علي القائمين علي السياسات الزراعية والتجارية والاقتصادية في حكومتنا الرشيدة. أن يعلموا أن حسابات الربح والخسارة واقتصاديات السوق وتنافس المحاصيل في السوق العالمي ينبغي ألا تتطرق للسلع الاستراتيجية. فهذا يهدد الأمن الغذائي للمصريين.. ويتسبب في زيادة استيراد السلع الغذائية من الخارج. وهذا ما لا نتمناه! |
2 مشترك
الامن المائي..زراعه الارز تصديره معناه .. بيع مياه مصر
mohamed saif- عضو حديد
- عدد الرسائل : 478
العمر : 31
الموقع : www.dreams2us.ahlamontada.net
اعلام الدول :
مزاجى :
المهن :
الهوايه :
من اين علمت عن المنتدى..؟ :
دعاء منتدايات دريم :
السٌّمعَة : 11
نقاطك يا عضو DREAMS2US : 1249
تاريخ التسجيل : 27/07/2009
عمرو النجار- عضوجزار
- عدد الرسائل : 1088
العمر : 26
الموقع : www.dreams2us.ahlamontada.net
اعلام الدول :
مزاجى :
المهن :
الهوايه :
الاوسمه :
من اين علمت عن المنتدى..؟ :
دعاء منتدايات دريم :
السٌّمعَة : 25
نقاطك يا عضو DREAMS2US : 797
تاريخ التسجيل : 23/07/2008